إبحث في المدونة
عطش العالم | la soif du monde
إن التطور السريع في
البلدان ذات الكثافة السكانية المرتفعة، وتدهور البيئة ، وتغير المناخ ، يهدد
إمدادات المياه وبالتالي موارد الغذاء في العالم. هل سيتمكن الإنسان من
إطعام سكان الأرض مع كسب رهان الحفاظ على البيئة؟
سنذهب إلى عشرات البلدان للقاء رجال ونساء يقدمون الحلول ويكسبون عطف الأسر التي
تستفيد منها. هناك ما يكفي من الماء للجميع على كوكبنا. يتم توزيعه بشكل غير
متساو، وإتاحته للناس أمر صعب، لكن ذلك
ممكن.
كثيرًا ما يكون
الماء ملوثًا أو يحمل أمراضًا، كل عام يقتل ملايين
الناس الأبرياء، و هناك من يكافح من أجل وقف هذه الآفة، فالخيارات التي نتخذها
اليوم، تعتمد على مصير ما بين 9 إلى 10
مليار شخص، سوف يسكنون الأرض. حتى ذلك الحين، هل سنكون قادرين على تصور ثقافة جديدة للمياه، تقوم على
المشاركة العادلة بين جميع المستهلكين، سواء كانوا من البشر أو الكائنات الحية أو
النظم الإيكولوجية؟
عطش العالم، فيلم يكشف عن العالم الغامض والرائع للمياه العذبة من خلال صور
جوية مذهلة التقطت في مناطق يصعب الوصول إليها ونادراً ما يتم تصويرها ، مثل جنوب السودان أو شمال الكونغو، كما يتيح لنا اكتشاف أجمل المناظر الطبيعية على كوكبنا
والبحيرات والأنهار والأراضي الرطبة المتشكلة بواسطة المياه. يحاول فيلم عطش العالم أن
يجمع بين رؤية "يان أرثوس برتراند" الجوية للعالم مع الواقع القاسي اليومي لكل أولئك
الأشخاص المحرومين من الماء، والذين قد يموتون بسبب نقصه، و الأشخاص المنخرطين في
الكفاح اليومي من أجل إيجاد الماء، وتنقيته أو إحضاره لأولئك الذين يحتاجون إليه.
تم بناء الفيلم على مجموعة من اللقاءات، من بينها
راعٍ من شمال كينيا يقول أنه قتل
من أجل الماء وسوف يفعل ذلك مرة أخرى، النساء يرقصن عندما تصل المياه أخيرًا إلى
قريتهم، تتحدث سفيرة الأمم المتحدة عن قتالها لجعل الحكومات ملتزمة للغاية بتوفير
المياه وأحدث تقنيات التطهير لضمان بقاء أشد السكان فقراً على قيد الحياة.
في الفضاء، الماء أشد ندرة من الذهب، كوكبنا هو الوحيد الذي يتوفر على الماء في حالاته الثلاث - الحالة الصلبة، الحالة السائلة، الحالة الغازية – المتواجدة على الأرض، و هو المعجزة التي مكنتنا من الحياة، فلو كانت الأرض قريبة من الشمش و لو بـ %5 فقط، ستكون عبارة عن صحار حارقة مثل كوكب الزهرة، ولو كانت الأرض بعيدة عن الشمس و لو بـ %3 فقط، ستكون عبارة عن صحار متجمدة مثل كوكب المريخ، فالماء جعل من كوكب الأرض كوكبا حيا، حيث يتوفر على 1,4 مليار كيلومتر مكعب من الماء، منها %0,02 مياه عذبة صالحة للشرب، و هذه هي كمية المياه المتاحة لنستعملها فقط.
تعتبر الجبال من أهم خزانات المياه الكبرى، تتراكم الثلوج على قممها ثم
تذوب و تتحول إلى ماء يغذي ملايير البشر و عددا لا يحصى من الكائنات الحية،
تحرر الشمس المياه المتجمدة لتسيل و تبدأ رحلتها نحو المحيط مشكلة بذلك أنهارا و
شلالات، للماء قوة هائلة فيمكنه أن يفتت الصخر و يجتث الأشجار، حاملا معه كل شيء وجده في طريقه،
ليضعه في السهول الفيضية أو الدلتا، أكثر الأماكن اخضرارا في الكوكب.
بحيرة ماكادي
صورة رقم1: بحيرة
ماكادي بـــــ كينيا
كانت بحيرة ماكادي في كينيا مليئة بالمياه و التماسيح و الأسماك، و بدأت
تجف شيئا فشيئا، حتى أصبحت اليوم تشبه كوكبا غير معروف لا تدب فيه الحياة، أملاح
معدنية أتت من الينابيع الحارة، تجمعت في شكل يشبه ملونة ضخمة، و من بين المخلوقات النادرة التي
تعيش في هذا المكان نجد النحام، الذي يتغذى على المتعضيات المجهرية التي تعيش في
هذه المياه. المستنقعات هي ثروة كبيرة
لأنها توفر الغذاء للكثير من الكائنات،
فإنها تنتفخ مثل الإسفنج في الفيضانات ، و تخرج الماء عندما تقل التساقطات
المطرية، هذا الماء الذي يجري منذ 4 ملايير سنة هو نفسه الذي نستغله حاليا، و
عندما يتسرب في التربة، فهو يغذي الفرشات المائية الباطنية، هذه الخزانات التي
تكونت قبل ملايين السنين، و التي لا تتجدد أبدا، فالثلوج و المياه السطحية هي
مياهنا الأساسية التي نستغلها.
حرب الماء في كينيا
ليس هناك توزيع متوازن للماء على الأرض، تتوفر بعض المناطق على مياه
تتجاوز الكمية التي تحتاجها، و في مناطق
أخرى الماء أندر من الذهب، لدرجة أن يقتل الإنسان أخاه بسبب الماء، في شمال كينيا
لا توجد آبار ولا عيون لمدة سنة، تتقاتل قبيلتا "لتاستانا" و
"التوركانا" على تلك الواحات المتبقية، حرب متواصلة دون نهاية قتل فيها
عشرات الأشخاص من أجل الضفر بتلك الواحات و استغلالها من أجل مواشيهم، يواجهون
الموت يوميا، ما إن يصلوا إلى منازلهم سالمين يقومون بتأدية رقصة فرحا بعودتهم على
قيد الحياة – بعد أسبوع فقط من تصويير هذا الفيلم مات 13 شخصا – لأن الحصول على
الماء يقابله الموت، تخاف الأمهات على أبنائها و لا تعرف أن ابنها على قيد الحياة
حتى عودة القطيع في المساء.
صورة رقم2: رقصة الرعاة
بعد عودتهم سالمين من رعي الأبقار
مئات الأسر مرهوبة بحرب المياه هذه، في الماضي كانت تتساقط الأمطار بوفرة،
الكلأ متوفر للماشية و الكل يعيش في سلام، أما الآن فقد ندرت المياه و وصل النزاع
عليها حد القتل.
برشلونة تعاني
من العطش
في خريف سنة 2008، توقفت الصنابير عن دفق المياه في برشلونة، بسبب موجة الجفاف التي أصابت إسبانيا، أصبحت
تعيش برشلونة في معاناة مع ندرة مع الماء، يعتبر البرشلونيون من بين السكان الأقل
استهلاكا للمياه في أوربا، تتجاوز ساكنة برشلونة 6 ملايين نسمة و السياح يتوافدون
إليها بكثرة، يعتمد إقليم كاطالونيا على الزراعة السقوية بكثرة، و مع توالي سنوات
الجفاف، نفذ الماء و أصبحت برشلونة تعاني من العطش، فالنهرين اللذان تتموضع بينهما تخصص مياههما لري الأراضي الزراعية، فلماذا لا
يتم حفر قناة من نهر "ليبر"، أكبر نهر إسبانيا لمد برشلونة بالماء؟
تعتبر دلتا نهر ليبر من أهم
المجالات الرطبة في أوروبا، يعيش 50 ألف شخص يمتهنون الزراعة و الصيد، فإذا كانت
برشلونة تعاني من العطش، فلماذا لا نحول بعض المياه من نهر ليبر إليها؟
أنشأت المدينة مصنعا لتحلية مياه البحر، لكن ثمن الماء غال و النفايات التي يطرحها المعمل تلوث البيئة، و هو ليس حلا مستداما، لأن المصنع لا يغذي سوى مليون نسمة من الساكنة، هذا أمر لا يصدق، عادة ما نجد المناطق الفقيرة أو الجافة هي من تعاني من العطش، أما الآن فنجد حتى المدن الغنية، و إذا كان اليوم هو دور برشلونة، فمن سيكون دوره غدا؟
صورة رقم 3: دلتا نهر
ليبر
الأنهار طرق مائية تفك العزلة
نحن البشر، دائما ما نستقر بين
الأنهار و العيون حيث يوجد الغذاء، و بسبب
الماء تركنا الحياة البدائية و بدأنا نعيش في رفاه نسبيا، الماء ضروري جدا للحياة،
في جنوب السودان هناك قبائل من الصيادين تعيش كأن الزمن رجع بنا 5000 سنة إلى
الوراء، يعيشون وسط مستنقعاتهم و بجانب غذائهم، يبنون مساكنهم على جزر صغيرة داخل المستنقعات،
مساحتها بالكاد تتسع لبناء أكواخهم، المصدر الوحيد هنا للبروتين هو السمك الذي
يجففونه تحت أشعة الشمس.
صورة رقم 4: بارجة تمثل
سوق تجاري في نهر الكونغو
كان الماء أول طريق للتنقل بين البشر، و اليوم أيضا في إفريقيا الوسطى ليس
هناك الكثير من المياه، فنهر الكونغو هو
يلعب هذا الدور، و يربط مئات القرى التي تسكن على جنباته، و بوارج ضخمة تلعب دور
أسواق تطفو على الماء، تجار و مشترون يتبادلون السلع و سط النهر، فالأنهار تلعب
دورا مهما تنمية مجالنا.
في مالي، أنشئت مدينة "جيني" على ضفاف نهر النيجر ، و التي
استفادت من موقعها الاستراتيجي حيث كانت أكبر سوق تجاري تقصده قوافل الجمال. لكن
للأسف ليس الكل يسكن بالقرب من الماء، فهناك نساء يمشون لساعات من أجل جلب مياه
للشرب، يرفعون على رؤوسهم سطل ماء سعته 30 لترا.
أزمة الماء الشروب بجنوب غرب مالي
800 مليون شخص في العالم لا يشربون ماء صالحا للشرب، في جهة
"كاي" بالجنوب الغربي من مالي -أحر الأماكن في العالم – تذهب النسوة
لجلب الماء من النهر، 4 مرات في اليوم و أحيانا 5، تحملن سطلا فوق رأسهن طوال
الطريق حافيات القدمين و يلتصق الطين بأرجلهن، يجعلهن يسقطن أحيانا الماء في
الطريق، و يرجعن لملء السطل من جديد. مياه النهر غير صالحة للشرب و مع ذلك
يشربونها، كما يعلمون أن هذه المياه قد تجعلهم مرضى، لكن ليس لهم خيار آخر سوى العطش...، يتمنون
الحصول على الماء الشروب الذي يأخذ البحث عنه جل وقتهم اليومي، حصلو على بئر و
سيهتمون به جيدا، فهم يعرفون أهميته جيدا.
صورة رقم 5: معاناة
النساء بمنطقة كاي مع الماء
حفر "جيرار روزو" دون شك أكبر عدد من الآبار في العالم، ما يقارب
4000 بئر في كل إفريقيا، يستعمل تقنيات التنقيب عن البترول من أجل إيجاد الماء،
يعمل منذ سنتين في مالي لجمعية "eau claire"، يبحث عن البنيات المنكسرة، التي تسمح برشحان
مياه الأمطار، فأغلب المياه التي يصل إليها بالحفر هي مياه الأمطار المترشحة عبر
التربة، و عند حفر أي بئر هناك إمكانية أن يجف هذا البئر يوما، و هناك مجموعة من
الآبار التي تتعطل و لا يتم إصلاحها.
صورة رقم 6: حفر الآبار
باستعمال تقنيات التنقيب على البترول
كمبوديا، وفرة في المياه السطحية و قلة في مياه الشرب
في كمبوديا، لديهم أكبر بحيرة في أسيا (كونليسا)، لكن ليس لديهم ماء صالح
للشرب، هذه البركة التي يعيش منها ثلث سكان كمبوديا، و اليوم مع زيادة نسبة التمدن
و تطور الصناعة التي لوثت الماء و لم يعد صالحا للشرب، لكن الساكنة لا تعرف بل
لازالت تشربه منذ أجيال، في هذة البحيرة
يصيد الصيادون "الأنقليس" بنصب فخاخ بواسطة البامبو....
صورة رقم 7: شرب مياه
بحيرة كونليسا مباشرة دون معالجة
تزداد الساكنة على جنبات بحيرة "كونليسا" كل سنة، و يزداد معهم
الفقر فكل شيء أصبح غاليا، جل ساكنة البحيرة يشربون الماء من البحيرة مباشرة و دون
أدنى معالجة، ما يطرح مشاكل صحية، سنة 2010 أصيبت قريتان بوباء مات جراءه 40 شخصا.
بعدما أنهى المهندس الشاب "شاي لو" دراسته في فرنسا، عاد إلى
كمبوديا و أسس سنة 2005 جمعية "1001 fontaines"، التي تنتج و توزع المياه الصالحة للشرب على القرى في
كمبوديا، متألفة من 47 وحدة، كل وحدة مستقلة ماديا عن الأخريات و تخلق فرص عمل. توزع الماء على 40000 شخص
يوميا، لديهم محطة مياه شرب في المدرسة بالمجان كما أن يعملون على تحسيس الأطفال
بأهمية شرب الماء المعالج و عدم تلويث مياه النهر، الناس في كمبوديا يشربون مياه الأمطار مباشرة أو
يأخذون مياه النهر و
يخزنونها في جرار غير مغطاة، حيث يسكن فيها الباعوض و يضع بيضه، فهم غير
قادرين على شراء الماء.
لازال تزويد المدن الكبرى بالماء الصالح للشرب في كمبوديا تحديا كبيرا، بالنسبة للمدير العام لشركة توزيع المياه "phnom penh"، فهو شخصيا و عائلته يعانون من قلة المياه
الصالحة للشرب، %20 من الساكنة غير مزودة بمياه
الشرب في "بنوم بين"، و تستفيد من الماء 10 ساعات في اليوم فقط، و غالبا
ما يكون هذا الماء غير صالح للشرب، تقوم شركة توزيع المياه بتوعية الساكنة من أجل الاشتراك في خدمة الماء
الصالح للشرب، و ذلك بدءا من الطبقة الغنية وصولا إلى الطبقة الفقيرة، تطور عدد المشتركين في خدمة الماء الصالح للشرب، حيث
كان لا يتجاوز نسبة %25 سنة 1993، أما الآن فقد وصلت
نسبة المشركين إلى %90، حاليا، و بفضل الوكالة الفرنسية للتنمية، أصبحت كمبوديا تتوفر
على أقوى شبكات توزيع المياه الصالحة للشرب في العالم.
صورة رقم 8: مجهودات
شركة phnom penh في مد قنوات الماء الصالح للشرب في كمبوديا
معاناة مدن الصفيح مع قلة مياه الشرب و غياب قنوات الصرف
الصحي
ريو، لاغوس، سوويتو... كلها مدن تعج بمدن الصفيح، 800 مليون نسمة من ساكنة
العالم تتخبط في هذا السكن غير اللائق، و سيتضاعف عددهم سنة 2050. يتضخم العالم
سكانيا بسرعة، و تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب بنفس وتيرة التمدن أمر مستحيل،
و الأمراض المنتشرة بسبب قلة الماء تزداد مع هذا الوضع، خصوصا أولائك الذين لا يتوفرون على مراحيض، 2.5
مليون من ساكنة العالم لا يتوفرون على مراحيض، و بسبب هذا الوضع تلوث الساكنة الماء بنفسها،
فالماء الملوث يقتل سنويا 4000 طفل في العالم سنويا. تعتبر "كيبيرا" في
نايروبي أكبر مدينة صفيح في أفريقيا، يعيش سكانها في ظروف صعبة جدا، يسقط الأطفال
مرضى بسبب الباعوض الذي يعيش في القاذورات، و تمر قنوات الصرف الصحي الغير مغطاة
من أمام المنازل، ما يعرض الأطفال للأمراض و بالخصوص مرض الإسهال، لأنهم يلعبون في
القاذورات و يضعون أيديهم في أفواههم، فأغلبهم يموتون بسبب الإسهال.
صورة رقم 9: مدينة
الصفيح كيبيرا في نايروبي
تقوم "أنيت أشينغ" بإدارة مرحاض عمومي في "كيبيرا"، و
تحفز الناس على استعمال المرحاض و جعل الحي نظيفا، لأنهم يضعون حاجياتهم
البيولوجية في أكياس بلاستيكية ثم يرمونها فوق أسطح المنازل. بدأت أنيت بـ 13
شخصا، و قد أصبح عدد مستعملي المرحاض
العمومي في الحي 150 شخصا، و بهذا تخدم أنيت المجتمع و تساعد على التقليل من
التلوث، إنه تحد كبير.
مزرعة الأسماك بمستنقعات كالكيلوطا بالهند
تعتبر "كالكوطا" ثالث أكبر مدينة من حيث السكان، حيث يتجاوز
عددهم 16 مليونا، تتموضع المدينة على الدلتا و تسبح في الماء، و في الأحياء
الفقيرة لا تصب الصنابير الماء إلا ساعات قليلة في اليوم، تستفيد المدينة من
المياه المحيطة بها، و تترك مسألة تطهير المياه في قنوات الصرف للأسماك، تتلاقى
قنوات الصرف مع مستنقع يقع على أبواب المدينة، تصل مساحة هذا المستنقع إلى 8000
هكتار، يعيش على هذه الصناعة آلاف الأشخاص، فهم يصيدون الأسماك التي تعيش في
المستنقع، فالنفايات تتحلل في الماء و تتغذى عليها الأسماك و تنمو بسرعة، و
بالتالي انبثقت مزعة طبيعية للأسماك يستفيد
منها سكان كالكوطا، طريقة اقتصادية و بيئية رائعة يمكن يعيش منها 100 ألف
شخص.
صورة رقم 10: مجموعة من
الصيادين يصيدون السمك في مستنقعات كالكيلوطا
ما يقارب ربع سكان كوكب الأرض لا يتوفرون على ربط بالماء الصالح للشرب و لا
على ربط بالصرف الصحي، و أقرت الأمم المتحدة أهمية هذه الخدمات في عديد من الدول
سنة 2010، إن حرمان الأشخاص من حقهم في الماء الصالح للشرب و الصرف الصحي يعرضهم
للأمراض، و يعيق مسارهم التنموي، فأكثر الدول التي تعاني من نقص مياه الشرب و
الصرف الصحي هي دول العالم الثالث، ما يستدعي الاستثمار في هذه الخدمة الحيوية و
مساعدة هذه الدول على ولوج مسار التنمية، فالربط بالماء الصالح للشرب من أهم
المطالب التي يجب تلبيتها، لكن ، حتى و إن حصل الكل على الماء الصالح للشرب فلن
يدوم طويلا، لأننا نتخلص من الماء الملوث في الطبيعة و نلوثها. %85 من المياه
المستعملة في العالم نتخلص منها في الطبيعة (بحيرات، بحار، مستنقعات...) دون
معالجة، نسممها بأنفسنا.
نمو الطحالب في شواطئ بريطانيا بسبب تسرب النترات إليها
تعتبر فرنسا البلد الأكثر تطورا فلاحيا في أوروبا، و مياهها الجوفية هي الأكثر تلوثا، و كذلك نذكر بريطانيا التي تكسو الطحالب الخضراء شواطئها، الخنازير في بعض القرى البريطانية أكثر من
البشر، و فضلاتها المليئة بالنترات تستعمل كسماد للأراضي الفلاحية، تتسرب النترات
إلى التربة و إلى البحيرات و الأودية ثم إلى المحيط، لكي تغذي الطحالب الخضراء
التي لها وقع سلبي على باقي الكائنات الحية. تتكرر هذه العملية سنة بعد سنة و الكل مسؤول عليها ،
من فلاحين و مستهلكين و سياسيين، للبحث عن
حل لهذه المشكلة البيئية، و معالجة فضلات الخنازير و الاستفادة من البيوغاز الناتج تخمر الفضلات.
صورة رقم 11: شاطئ في
بريطانيا مليء بالطحالب جراء تسرب النترات إليه
الصين تعاني من التلوث
آلاف المصانع في الصين تطلق غازات سامة تلوث البيئة، فهي تصنع نصف ما نحتاجه، و بالمعنى الأصح فالصين تتلوث من أجلنا، 300 مليون مواطن صيني لا يتوفرون على ماء صالح للشرب، و المزروعات ملوثة بسبب مياه السقي الملوثة أيضا، و حتى بعض الأنهار تلوثت أيضا و تم منع صيد السمك فيها و بيعه لأنه ملوث بمواد سامة، ما أدخل الصيادين في فقر مذقع جراء منعهم من مزاولة مهنتهم التي هي مصدر عيشهم. أسس المحامي "وانغ كانفا" جمعية "المتضررين من التلوث" و حصل على تعويض قدره 100 مليون أورو مقابل الأضرار الصحية و الاقتصادية التي لحقت بالسكان الذين تضرروا من التلوث، و قد عادت الأسماك في السنتين الأخيرتين و لم تعد تظهر عليها أعراض التلوث، و بدأ الصيادون و سكان الأنهار يحافظون على المياه من التلوث.
صورة رقم 12: قرية
صينية منع صيادوها من الصيد بسبب تسمم الأسماك
أصبحت الصين أكثر اهتماما بالبيئية و قد تغيرت الأمور، أسس "ما جون" موقع إلكترونيا يراقب كل المصانع في
الصين و المرتبطة بتلويث المياه، و يتوفرون حاليا على قاعدة بيانات تضم معلومات عن
86000 خرقا للقانون تعود لـ 50000 مصنعا، أغلبهم من
الصين مع
وجود مصانع لمستثمرين من دول مختلفة، يأتون للصين من أجل الاستفادة من كلفة
تصنيع أقل نظرا لتوفر اليد العاملة المؤهلة، لكن هذه المصانع لا تحترم البيئة و
تلوثها، لكن بفضل هذا النظام الذي أنشأه "ما جون" يمكنه من رصد المعامل
الملوثة للبيئة و مقاضاتها على ذلك.
صورة رقم 13: معمل
معالجة المياه المستعملة بشونغهاي بالصين
تم بناء مركب ضخم في شونغهاي من طرف المصانع الملوثة للماء، تعالج هذه
المحطة 25000 طن من المياه المستعملة يوميا، حيث تعالج كل المياه المستعملة قبل صبها
في البحر، تعد أكبر محطة في العالم لمعالجة المياه المستعملة، خطوة جيدة من أجل استدامة المياه.
التغير المناخي، يصعب من عملية التحكم في الموارد
المائية
تمت هندسة قنوات لري الأرز منذ 10 قرون بمدينة "إكمير" بـ ـكمبوديا، للحصول على 3
محاصيل للأرز في السنة، من بين الحضارات التي اعتمدت على تدبير انجع للماء، لكن الحال لم يدم. منذ أواخر القرن
18 بدأ الاعتماد على السدود و القنوات
المائية من أجل التحكم أكثر في الماء، ومن أجل تنمية مجتمعاتنا، لكننا لازلنا نعيش
على كوارث الماضي.
عاشت التيلاند في خريف سنة 2011
أسوء فيضان في لم تعرف البلاد مثله منذ قرن، تكبدت فيه خسائر بشرية و اقتصادية كبيرة، وهنا نعرف أن التغير
المناخي ليس فرضية أو نظرية بل هو حقيقة مرة، ملايين السكان أصبحوا دون مأوى، و
15000 شركة تكبدت خسائر فادحة، وكل الأراضي الزراعية مغمورة بالمياه، آلاف الأسر محاصرون فوق أسطح منازلهم لأسابيع، و خسائر
فادحة لشركات تصنيع الإلكترونيات و السيارات، تعتبر التايلاند أول مصدر للأرز في
العالم و %30 من محصول الأرز فسدت، حتى
معبد "أوطايا" الذي بني سنة 1350 غمر بالماء لأول مرة، وقنوات الماء التي كانت تحميه من الفيضامات لم
تعد قادرة على ذلك، و السد الذي أنشء على النهر الذي يخترق بانكوك لم يعد قادرا
على استقبال المزيد من المياه، لقد نسي الإنسان أنه لا يمكنه السيطرة على الطبيعة
دائما.
صورة رقم 14: الفيضان
الذي اجتاح التايلاند سنة 2011
الصين، كثافة سكانية كبيرة و موارد مائية ضعيفة
بدأ الصينيون بتعبأة الموارد المائية منذ آلاف السنين، و تاريخهم مطبوع
بالفيضانات التي قتلت ملايين السكان، قد
قاموا ببناء عشرات الحواجز المائية بجانب
النهر الأصفر، لكن الفيضانات لم تزل، سنة 2010 راح ضحية الفيضانات 3000 صيني و فسدت محاصيل 800000 هكتار من الأراضي، و لهذا بنت الصين أكبر سد في العالم، إنه
"سد الممرات الثلاث"، لكن مازالت الصين تعاني من قلة الماء، فهي تضم %20 من ساكنة
العالم، لكنها تتوفر فقط على %7 من الموارد المائية الموجودة بالعالم، فالنهر الأصفر الذذي تسقى
منه الأراضي في شمال البلاد، قد ضخ حتى آخر قطرة منه لبناء مدن ضخمة، فمنذ سة 1997 لم يصل ماء هذا النهر إلى البحر، و
قد وضعت الحكومة نظام تحكم في مياه النهر من منبعه حتى وصوله إلى الدلتا، حيث
يتحكمون في محطات ضخ المياه التي تزود قنوات الري، و كل محطة تجاوزت كميتها
المخصصة لها يتم قطع الماؤ عليها، يتم التحكم في ماء النهر جيدا، لكن المعاناة مع
قلة الماء لازالت قائمة، و لحل هذه المشكلة قامت الحكومة بتحويل جزء من الماء من
نهر "يونغ ساي" إلى النهر الأصفر و
منطقة "بكين"، لهذا تم بناء سد الممرات الثلاث، فهو يحول إلى
الشما كمية ماء يعادل صبيبها صبيب النيل، لكن نهر
يونغ ساي أيضا بدأ يعاني من ندرة المياه،
فتنمية مجتمعاتنا مرتبطة بزيادة حايجياتها من الماء، لهذا تم بناء 50000 سد
حول العالم، تمكننا هذه السدود من إنتاج الطاقة الكهربائية و هي طاقة نظيفة و
متجددة. في جبال الألب الإيطالية يهتمون بتثمين الموارد المائية، فقاموا بتشييد
أكبر عدد من السدود لإنتاج الكهرباء، حتى أصبحت كمية الطاقة المنتجة تفوق كمية
الطاقة المستهلكة و قاموا بتصديرها إلى سويسرا، تلعب السدود دورا مهما في الفلاحة
أيضا فسقي المحاصيل يساهم في مضاعفة الإنتاج،
لهذا فنحن في حاجة للمزيد من المياه لتغذية 9 ملايير شخص على كوكب الأرض
الأربعين سنة القادمة.
صورة رقم 15: سد
الممرات الثلاث بالصين أكبر سد في العالم
سيزداد الطلب على الماء من أجل تغذية سكان الأرض، فإنتاج كيلوغرام من لحم
العجل يحتاج من الماء 15 ضعف ما يحتاجه إنتاج كيلوغرام واحد من الحبوب، و بعض
الدول تعاي من ندرة المياه و تحتاج لإطعام شعبها، حيث تمر إلى استيراد الماء في شكل مواد غذائية، تأتي في
ناقلات بحرية تجوب العالم. الماء الفعلي هو نهر خفي يصل صبيبه إلى ضعف صبيب النيل
20 مرة، ستزداد المبادلات التجارية و سيزداد اطلب على الماء. تقوم مصر باستيراد
احيتاجاتها من الولايات المتحدة الأمريكية لأن نهر النيل لا يمكنه إطعام 80 مليون
مصري.
جفاف بحر آرال كارثة القرن 20
يعتبر القطن من أهم المزروعات استهلاكا للمياه، فالقطن المزروع في العالم
يستهلك 5 مرات صبيب نهر النيل، فالفلاحة في آسيا الوسطى أصبحت كارثة، لقد حول
الاتحاد السوفياتي أهم نهرين يغذيان بحر "آرال" لسقي المزروعات في روسيا في الخمسينيات من القرن الماضي، ما
جعل بحر آرال يجف و يفقد %90 من مياهه، و حرم ملايين الأشخاص من كسب قوتهم اليومي في هذا
البحر، و قد اعتبرت أعظم كارثة بيئية في القرن العشرين من طرف الأمم المتحدة، بهذا
قام الإنسان بتجفيف بحر و فرشات مائية
جوفية أخرى من أجل صناعة الملابس القطنية، فالإنسان يستعمل موارد مائية غير متجددة
في رزاعته.
صورة رقم 16: بقايا سفن
على جنبات بحر آرال بعدما جف
قلة الأمطار في جنوب شرق آسيا و طرق التكيف معها
يمكن للهند أن تصارع موجات القحط بالزراعات المسقية، لكن خزانات الماء نضبت
و 175 مليون فلاج مهددون بالجوع. في راجستان أيضا ذات المناخ، القاحل الخزانات
المائية فارغة و الأمطار لا تتساقط إلا بضع أسابيع في السنة، تحفر النساء في القرى
أحواضا لتجميع الماء باستعمال المعاول، يقومون بمجهود خرافي، لأن مزروعاتهم تعاني
في المواسم الجافة و يضطرون لسقيها، لكي يجدوا ما يحصدونه في نهاية الموسم
الفلاحي.
ترتبط التساقطات المطرية في الهند بالرياح
الموسمية في جنوب آسيا، حيث تعطي هذه الأخيرة أمطارا مهمة تساعد المزروعات على
العيش و الإنتاج، لكن هذه الأمطار غير منتظمة و نادرة الحدوث، و على الفلاحين التكيف
مع الوضع من أجل العيش، بل و تطوير زراعاتهم لتتماشى مع الوضع المناخي السائد،
بزراعة مزروعات لا تستهلك المياه بكثرة، و استعمال السماد العضوي عوض الكميائي،
فالسماد العضوي كروث البقر مثلا يحافظ على رطوبة التربة عكس السماد الكميائي الذي
يتطلب ماءا كثيرا، ثم زرع عدة أنواع من الزراعات في حقل واحد من أجل تغطية الحقل بالنبات
و منع أشعة الشمس من الوصول إلى التربة لأنها تفقدها رطوبتها، و بهذا يتمكنون من إنقاذ محاصيلهم من الضياع و يحصدون
عدة أنواع من المزروعات عوض نوع واحد، مع اقتصاد كبير في الماء.
صورة رقم 17: زراعة
المحاصيل الغير مستهلكة للماء في الهند
يحاول الفلاحون الصغار في كل أنحاء العالم رفع إنتاجهم السنوي، عن طريق
تدبير أنجع للماء، لأنهم في الصف الأول في هذا الصراع ضد الجوع. يغذي الأرز ما يقارب 4 مليار شخص في العالم، فهو
أكثر أنواع الحبوب زراعة في العالم و الذي يزرع باليد، و خصوصا من طرف مزارعين
صغار لإطعام عائلاتهم، و هي زراعة مستهلكة للماء. في كمبوديا اخترع فلاحون مبدعون طريقة جديدة لزراعة الأرز، تضاعف
الإنتاج و تستهلك كمية قليلة من الماء، و اقتصادية أكثر، يقومون بزع حبوب الأرز في
حقول جافة من الماء مع أرضية مبللة، حيث تنمو النبتة بسرعة و تكون جذورها مهواة
بالأوكسجين و يزداد طولها أكثر في أسبوعين فقط، حيث لا تصل هذا الحد و هي مزروعة
في الماء، ثم يقومون بنقل النبتات إلى الحقل الرئيسي المملوء بالماء حيث سيكمل
الأرز نموه، و سيتفادون أيضا الأعشاب الضارة التي تنمو في الحقل مع الأرز، و
يمكنهم بيع ما تبقى لهم من الأرز الذي لم يزرعوه.
فإطعام كل هذه الشعوب يتطلب الكثير من الحلول المتكيفة مع التربة و المناخ
و نوع الزراعة.
صورة رقم 18: زرع الأرز
في كمبوديا عن طريق غرس نبتات الأرز بعد أن نمت
الماء سلعة باهضة الثمن في غرب الولايات المتحدة
لم يندر الطلب على الماء بالنسبة
للفلاحين في غرب الولايات المتحدة، لكن قريبا سيفعل، لكن سكان المدن هناك يتمنون
شراءه قدر ما كان ثمنه، فهذه المنطقة ذات المناخ الشبه قاحل تواجه توزيع غير
متكافئ للموارد المائية، فالمدن و الأراضي الزراعية تتطور بفضل الطبيعة (الماء)، تقام مجهودات جبارة لجلب
المياه من الجبال البعيدة، و رغم ذلك لا تكفي، تزيد المدن في التوسع، و يبحثون عن
الماء في القرى حيث يكون موجود، و هم مستعدون لشرائه بأي ثمن، فالماء أصبح بضاعة،
و السوق هو من يحدد استعماله. وزعت حقوق الحصول على الماء في الغرب الأمريكي على الفلاحين
الأوائل، و قد توارثت هذه الحقوق في الماء جيلا بعد جيل و يمكن اكتراؤها أو بيعها
و شراؤها، فأصحاب حقوق الماء لهم كمية محددة من الماء إما في الواد أو الفرشات
المائية الجوفية، و هذه الكمية هي التي يمكنهم بيعها. ملاك المزارع الذين باعوا
حقهم في الماء لا تعطي أرضهم أي مردودية فلاحية عكس الأراضي المسقية، يتجه الكثير
من المزارعين إلى بيع مزارعهم بحقوق مائها، لكن لا أحد سيقدر على تأدية ذلك الثمن،
فيضطرون إلى بيع الحق في الماء فقط، و تبقى المزرعة مجرد أرض جذباء لا تنمو فيها
إلى الأعشاب الضارة، فالأرض دون ماء ليست صالحة لشيء، و ينتقلون بذلك إلى العيش في
المدينة. تتوفر المنطقة على مياه نظيفة قادمة من الجبال مباشرة، و التي تم إنشاء
قنواتها منذ سنة 1960، لكن بعض القنوات جفت بسبب تحويل الماء إلى المدن لتلبية
حاجياتها. يأتي المستثمرون لشراء حقوق الماء هناك، و بسبب غلائها نزل ثمن الأراضي،
و غالبا ما يسألون عن إمكانية استدامة الماء هناك، فثمن حقوق الماء يرتفع سنة بعد
أخرى و الكثير من المزارعين يبيعون حقهم في الماء، فللبقاء على قيد الحياة في هذه
الأرض يجب تغيير طرق الزراعة، بزرع أنواع قليلة استهلاك الماء و طرق ري مقتصدة
أكثر كالري الموضعي. أغنى شخص في مجتمع المزارعين في الغرب الأمريكي هو من باع حقه
في الماء، و هو في الواقع قد باع مجتمعه، فالماء يغير الكثير في مجتمع المزارعين.
صورة رقم 19: هجرة بعض
المزراعين في غرب أمريكا بعد أن باعوا حقهم في الماء
الماء موحد الشعوب
أصبحت الحاجة إلى الماء ملحة أكثر، و قد تعطي تباينات صارخة على المستوى
المحلي، لكنه قد يوحد شعوبا ذات ثقافات و احتياجات مختلفة، فـنهر السنغال مثال
إفريقي على البلدان ذات الأنهار المشتركة، فالشعوب الإفريقية مرتبطة بمياه الأنهار، في هذه المنطقة المطبوعة
بأعنف موجات الجفاف، تشكل الأنهار مورد رزق لـمليوني شخص، صيادون و رعاة. قاربت
السنغال و موريطانيا على إشعال فتيل حرب بينهما سنة 1989 بسبب الماء، و مع مالي و
غينيا قرروا تدبير مياه النهر مع بعضهم البعض، فاليوم، كل قرار يهم الري، الملاحة،
أنتاج الطاقة،... يتفقون عليه بإجماع،
بدعم من الصندوق الفرنسي للتنمية، و الذي ساعد في إنشاء سدين يديرونهما فيا
بينهم، و في حالة الفقر فإن الساكنة المحلية هي ذات الأولوية، فعدما تندر الموارد
المائية يجب مشاركتها.
حرب شعب الدينكا من أجل الماء
يعتبر بلد جنوب السودان من بين الدول المستقلة حديثا، و الذي يتوفر على أكبر المستنقعات في العالم، من بين العجائب النادرة على كوكب الأرض، فمياه
نهر النيل توفرا موطنا لأندر الكائنات الحية و آلاف الطيور المهاجرة. هذا النظام
المائي الفريد القديم قدم الزمان، يتمدد أثناء مواسم الجفاف، و يجمع مياه في وقت
الفيضانات مثل الإسفنجة، و يعدل بذلك صبيب نهر النيل. يعيش في هذه المستنقعات شعب شجاع و رائع، إنه شعب الدينكا، حوالي مليون شخص
من أفراد هذا الشعب الذي يعيش مع أبقاره على حالة واحدة. يفركون البقر بالرماد
لحمايتها من الباعوض، فللأبقار مكانة كبرى
عندهم. الماء ثمين في هذه المنطقة مثل البترول، و إذا لمس أحد مستنقعات الدينكا
فإنهم سيحاربون من أجل الدفاع عن مملكتهم.
صورة رقم 20: مستنقعات
جنوب السودان
قامت مصر و السودان سنة بعد
دراسات وبحوث مكثفة بدأت في عام 1947 وانتهت في عام 1977 توصل البلدان إلى خطة عمل
للاستفادة من المياه الضائعة بمنطقة السدود ومستنقعات بحر الجبل وتمخضت الدراسات
والبحوث الإستشارية إلى حفر قناة تستوعب المياه الزائدة من المستنقعات وكميات
المياه التي كانت تتبخر سنوياً دون الاستفادة منها. وبعد عدة محاولات جاءت
التوصيات إلى حفر خط مائي يربط بين منبع القناة ببلدة جونغلي وحتى المصب لتصب عند
فم السوباط بالقرب من مالاكال. من أجل رفع صبيب نهر النيل، لتنفيذ مخططات زراعية
مشتركة، و ذلك بحفر قناة "جونغلي" على مسافة 360 كلم ما بين
"مالاكال" و قرية "بور"، لأن المياه تتكدس عند المستقنعات و
تتبخر و لا يستغلونها، و هذه القناة سترفع إيرادات نهر النيل إلى 55 مليون متر مكعب، سيستفيد منها البلدان في فتح مشروعات
زراعية بمساحات كبيرة لسد احتياجات السكان المتزايدة سنويا.
خريطة رقم 1: مسار
قناة جونغلي
تم إبرام هذه الاتفاقيات دون الأخذ بعين الاعتبار وضعية ما يقارب مليون راع للأبقاع من شعب
الدينكا الذين يعيشون مع أبقارهم هناك، و أن هذه القناة ستجفف المياه بالمستنقعات،
بدأ مشروع حفر القناة منذ ذلك الوقت من
"مالاكال" باتجاه "بور"، حتى سنة 1983، حيث حفروا ما يقارب
260 كلم، و كانت قد وصلت حفارة ضخمة - يقارب حجمها مبنا من 4 طوابق و وزنها الذي
يقارب 2300 طن و تحفر كل دقيقة ما يوازي مسبحا أولمبيا - إلى منطقة شعب الدينكا، الذين
شنوا حربا ضد هذا العدو الذي سيسلبهم مملكتهم حتى أوقفوا الحفر، و منذ ذلك الوقت
و آلة الحفر هناك كشاهد على الحرب، حرب الماء.
صورة رقم 21: آلة حفر
قناة جونغلي
يتوفر حوالي %87 شخص في العالم على الماء الصالح للشرب، هذا جيد، لكن لازال هناك ما يقارب مليار شخص يعاني من قلة الماء الصالح للشرب يوميا، فقد قررت الأمم المتحدة سنة 2010 اعتبار الماء حقا أساسيا لكل ساكنة الأرض، و كل حكومات العالم التزموا باحترامه.
المصدر: "le film documentaire "La soif du monde, Yann - Arthus Bertrand
الأكثر تصفحا
-
"مدخل إلى علم الإجتماع " كتاب من 137 صفحة تبين نشأة علم الإجتماع و علاقته بالعلوم الأخرى و الأساليب و الأدوات المستعملة في ا...
-
المحاور: - I الدورة الهوائية العامة مقدمة -1 تطور نظريات الدورة الهوائية الطولية: تعريف الخلية -1-1 نظرية المدخنة الاستوائية -2-1 نظرية...
-
إليكم دروس دينامية المجال الريفي مع ترجمة باللغة الفرنسية و صور توضيحية . دروس أكثر من رائعة. حمل من هنا لمعرفة كيفية تحميل الملف...
-
مكتبة جي فور يو هي مكتبة جغرافية بامتياز تحتوي على الكثير من البحوث و الدراسات و التقارير و الكتب المجانية التي يحتاجها كل جغ...
-
كجغرافيين، دائما ما نحتاج خرائط للتقسيم الإدراي للمملكة، فإذا أردنا رسمها ستأخذ منا وقتا كبيرا، و الكثير من البحث لمعرفة حدود الجهات و...
-
إن المدينة كائن حي له القدرة على تركيز الأنشطة الاقتصادية و مضاعفة الموارد و خلق تنافسية اجتماعية و اقتصادية هدفها التطور و التقدم . ...
-
السلام عليكم كما نعلم أن الخرائط الطبوغرافية المستعملة في برنامج أركجيس يجب أن تكون عالية الجودة لكي يتم تثبيتها بسلاسة و دون اعوجاج الخ...
-
إن إنجاز أي بحث في أي مجال يستدعي قراءة البحوث و الدراسات التي تطرقت للموضوع المدروس، لمعرفة الجوانب التي درسها الباحثون السابقو...
-
نحتاج في كثير من الأحيان إلى خرائط خاصة بتوزيع السكان لإدراجها في بحوثنا أو عروضنا. المندوبية السامية للتخطيط توفر لنا هذه الخدمة ...
-
تعريف الصخور/أجسام طبيعية صلبة مؤلفة من عدة معادن مجتمعة معا بنسب مختلفة. أهم الخواص الطبيعية للصخور: التركيب المعدني/ لكل صخر ت...