عرف حوض اللوكوس منذ عهد الإستعمار بخصوبة تربته و موارده المائية المهمة , و هذا ما زاد من أطماع المستعمر و جعله يسعى وراءها , حيث قامت شركات إستثمارية إسبانية بنزع حوالي 7000 هكتارمن الفلاحين و ذلك بمباركة النظام المغربي  على ضفتي وادي اللوكوس .
قبل ومع الاستعمار المباشر للمغرب، استهدفت أراضي الفلاحين الفقراء من طرف المعمرين و الخونة ليتم السيطرة على معظم السهول والسهوب الخصبة وطرد أصحابها وتهجيرهم نحو المناطق الجبلية و الصحراوية، واستمرت نفس السياسة – سياسة مصادرة الأراضي – مع الاستعمار الجديد الذي واجه بالرصاص الحي والدبابات انتفاضات الفلاحين الفقراء الذين طالبوا باسترجاع أراضيهم المنهوبة أو المفوتة إلى العملاء و الشركات الاستثمارية الكمبرادورية و الإمبريالية.
أدخل الاستعمار الإسباني معظم الأراضي المحيطة بنهر اللوكوس تحت سيطرة شركاته (واللوكوس هو اسم شركة استعمارية إسبانية)، هذه الشركات الاستثمارية اشتغلت في مجالات متعددة (شركة « لوكال » في الرمال، شركة « أﯕرومروان » في الحوامض…)، هذه المجموعة الاستثمارية العملاقة كان يديرها شخص إسباني يدعى « ﯕومونديو » و عدد العاملين فيها تعدى 6000 فردا إلى حدود 1986، ونتيجة لمطالبة العمال بالترسيم و التغطية الصحية والاجتماعية والقانونية والتقليص من ساعات العمل ورفع الأجور وتحسين الوضعية بشكل عام، ستعلن هذه الشركات عن « إفلاسها » كذريعة لتسريح العمال وستظل مغلقة الأبواب إلى حدود نهاية التسعينات (1998)، بعدها سيتم إنشاء شركة « ريـﭭـيراداروز » تابعة لنفس المجموعة التي ستنهب حوالي 7000 هكتار من الأراضي الفلاحية المتاخمة لدوار الشليحات و السحيسحات… و ذلك بمساعدة قمعية وضمانة « قانونية » من قبل النظام القائم بالمغرب تحت مسميات واهية (من قبيل: عقد إيجار أو اتفاق فوتت بموجبه آلاف الهكتارات لشركات مجهولة الإسم سنة 1998 !!!) و ذلك في إطار سياسة « الشريك المتقدم للاتحاد الأوروبي » و »المغرب الأخضر ». هذه الشركة الأخيرة تخصصت في « زراعة الأرز » لا غير !!! و ما يثير الغرابة أن عدد العمال المشتغلين بها لا يتعدى 12 فردا من ساكنة الدوار (منهم سائقين و 6 حراس و 4 أعوان) وبضع العشرات من الفتيات معظمهن قاصرات يشتغلن في جني منتوج الأرز لمدة 12 ساعة يوميا وأقدامهن حتى حزامهن مغمور في حقول الأرز المليئة بالماء، مقابل ثمن لا يتعدى 40 درهم في اليوم، ناهيك عن المعاناة النفسية والجسدية والتحرشات الجنسية وما يلاقيهن من امتهان بغيض لكرامتهن من قبل أرباب الشركات والضيعات، في حين نجد حوالي ألف من الشباب القادر على العمل يعيش حياة البطالة المزمنة و منزويا في ركن المنزل، منتظرا قدوم أخواتهن القاصرات لتمده وباقي أفراد الأسرة (ما بين 6 و 9 أفراد في كل أسرة) بدراهم معدودة لضمان لقمة الخبز الحافي.
هذا الوضع الاجتماعي والاقتصادي المزري تنضاف إليه آثار سلبية تخلفها زراعة الأرز، لمدة تفوق 10 سنوات، على خصوبة الأراضي، علاوة على معضلة خطيرة حولت حياة الساكنة ومواشيها إلى جحيم يومي وموت مرتقب تتجلى في انتشار كثيف لحشرة (غريبة) سامة وقاتلة والتي تتكاثر بسرعة مهولة بسبب زراعة الأرز منغصة طعم حياة الساكنة مسببة إلى حدود الآن أمراضا مزمنة (أمراض الجلد و العيون) كما حولت أجساد الأطفال الصغار وحتى الكبار إلى بقع سوداء، أما المواشي فهي سائرة في طريق الانقراض نتيجة اللسعات المميتة من طرف الحشرة المذكورة، مما تضطر الساكنة إلى استعمال « البطانيات » لتغطي بها الأبقار و الأغنام و البهائم داخل الإسطبلات، في غياب كلي للمستوصفات الصحية للإنسان أو الحيوان.
إذن، فجوهر المسألة يكمن في استيطان الشركات المتعددة الجنسيات الإمبريالية بمباركة النظام القائم لأراضي الفلاحين الفقراء، الشيء الذي جعلهم عرضة للفقر المدقع والبطالة والتشرد وحولت حياتهم إلى أناس يفتقدون لأبسط مقومات العيش الكريم (تعليم، صحة، سكن، شغل، خدمات اجتماعية، بنيات تحتية…