المناخ الدينامي فرع من فروع المناخ التحليلي و هو يدرس حركية الكثل الهوائية  حيث تشكل ضغوطا منخفضة أو مرتفعة و بما أن الغلاف الجوي عبارة عن وسط مائع (سائل) يخضع لقانون آلية الميوعة و لقانون الحركة الحرارية فالحركات الهوائية العامة مرتبطة من جهة بالطاقة الشمسية التي يستقبلها سطح الأرض، و من جهة ثانية بالحركة المحورية للأرض أي دوران الكرة الأرضية حول نفسها.
فالتوزيع غير المتكافئ للإشعاع الشمسي يؤدي إلى نشأة تباينات على مستوى الحرارة الموزعة فوق سطح الأرض، و بالتالي على مستوى توزيع المجالات الإنضغاطية حيث نجد أن المناطق الواقعة بين خطي 35° شمالا و جنوبا تتميز بفائض طاقي ( على مستوى الطاقة الشمسية الواردة) ، في حين تعتبر المناطق ذات العروض العليا مناطق عجز (أنظر محاضرات الأسدس الأول) .
إذن و بناءا على قانون الحركية الحرارية، فإن عملية نقل الحرارة من مناطق الفائض إلى مناطق العجز تعد عملية حتمية لتحقيق نوع من التوازن الطاقي بين هاتين المنطقتين، و إلا سوف ترتفع حرارة المناطق الاستوائية باستمرار و تصبح حرارة المناطق القطبية أكثر انخفاضا مما هي عليه اليوم.
انطلاقا من هذا المبدأ، ظهرت عدة نظريات أو نماذج قصد تفسير الدورة الهوائية العامة التي يمكن تقسيمها إلى قسمين:
ا- حركة هوائية طولية ( شمال – جنوب) حسب خطوط الطول، وهي الأكثر شيوعا.
ب- حركة هوائية نطاقية ( شرق – غرب ) حسب خطوط العرض.
و الحركتان معا تكونان الدورة الهوائية العامة.
1- تطور نظريات الدورة الهوائية الطولية:
تنبني جميع النظريات التي حاولت تفسير الدورة الهوائية العامة، بما فيها النظريات القديمة أو الحديثة، على مفهوم الخلية. و قبل التطرق إلى مختلف هاته النظريات، لا بد من إعطاء تعريف موجز للخلية.
تعريف الخلية:
الخلية في علم المناخ، دورة هوائية متولدة عن الفرق في توزيع الطاقة الشمسية على سطح الأرض تنتج عنها حركات رأسية و أفقية داخل طبقة التروبوسفير.
تتميز الخلية بمنطقة التصاعد الحراري في النطاقات الأكثر سخونة في المستويات السفلى للتروبوسفير، و بمنطقة النزول في النطاقات الأكثر برودة.
هاتان الحركتان الراسيتان مرتبطتان بالحركات الأفقية التي تتميز بانعراج الرياح على مستوى السطوح الباردة نحو المناطق الأكثر سخونة، وبافتراق الرياح في الأجواء العليا لمناطق التصاعد في اتجاه مناطق النزول.


1-1 نظرية المدخنة الاستوائية:
تعتمد هذه النظرية على أساس أن كمية الطاقة الشمسية التي تتلقاها الأرض تتفاوت حسب خطوط العرض و حسب الفصول. لكن بالنسبة للكرة الأرضية، و في المتوسط العام لسنة، فإن الميزانية الطاقية على مستوى منظومة القارات و المحيطات والغلاف الجوي هي في حالة توازن.
حقيقة، إن المناطق البيمدارية تتلقى قدرا أكبر من الطاقة مقارنة مع ما تفقده عن طريق الانبعاثات الطاقية نحو الفضاء الخارجي، بينما يحدث العكس تحت خطوط العرض الوسطى والعليا. ومن ثم تجري عملية تبادل الطاقة عن طريق نقل الفائض من المناطق البيمدارية في اتجاه العروض العليا أي في اتجاه المناطق القطبية.
في غياب عملية التبادل هاته،لن تتوقف المناطق البيمدارية عن التسخين،في حين ستبرد المناطق القطبية باستمرار.
أكثر من ثلثي هذه التبادلات تتم بواسطة التيارات الهوائية، والباقي يتم بواسطة التيارات البحرية.


تعد هذه النظرية من أقدم النظريات التي حاولت تفسير الدورة الهوائية الطولية، و تعود إلى سنة 1686 وتنبني على خلية طولية واحدة تقوم بعملية التبادل الحراري بين المناطق الاستوائية الحارة من جهة، و التي تشبهها بمدخنة- و المناطق القطبية الباردة من جهة ثانية.
1-2- نظرية هادلي (Hadley):
هو عالم أرصاد بريطاني، تعتبر نظريته من بين النظريات القديمة أيضا، حيث تقدم سنة 1735 بنموذج لدورة هوائية عامة تعتمد في مبدئها على خليتين طوليتين مردها عملية التصاعد أو ما يعرف ب"الحمل الحراري" (Convection).


يعتبر هادلي أن الرياح لا تكمل دورتها أو طريقها كما رسمته نظرية المدخنة الاستوائية ، بل هناك ضغط مرتفع في الوسط يوافق المناطق المدارية يقسم الخلية إلى قسمين و يرغم الكثل الهوائية على النزول، بمعنى آخر، فإن الكثل الهوائية التي تبعث من الجنوب أي من المناطق الاستوائية لا تصل إلى القطب لتنزل من جديد إلى المناطق الاستوائية، بل تبرد عند خط عرض 30° تقريبا - المناطق المدارية و الشبمدارية- لتنزل إلى سطح الأرض و تأخذ مسارها نحو المناطق الاستوائية لتسخن من جديد. و هذا ما يفسر ، حسب هادلي،تواجد الرياح التجارية Les Alizées.
التيارات الهوائية الناتجة عن هاتين الخليتين، شمالية شرقية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وجنوبية شرقية في النصف الجنوبي، بسبب تدخل قوة كوريوليس Force de Coriolis.
نلاحظ هنا أن الجديد بالنسبة لنظرية المدخنة الإستوائية، و التي تحدثنا عنها سالفا، يكمن في كون اتجاه الرياح غير مرتبط بحرارة الأرض فقط، و إنما أيضا بدوران الأرض حول نفسها.
نظرية هادلي هاته، تؤكد بعض الملاحظات على مستوى خلايا الضغط القطبية و الاستوائية، التي أتت بها نظرية أقدم منها و هي نظرية المدخنة الاستوائية ، لكنها لا تفسر سبب وجود حزام الضغط المرتفع بالمناطق الشبمدارية و التيارات الهوائية الغربية عند العروض الوسطى ( 45° - 40°).
هاته النظرية سيتم تطعيمها و تطويرها فيما بعد من طرف العديد من علماء الفيزياء وعلماء الأرصاد الجوية مثل ِفريل Ferrel الذي أضاف خلية أخرى عند خطي عرض 30°و60°.
1-3- نظرية ِفريل Ferrel:
ِفريل عالم أرصاد أمريكي، في منتصف القرن 19 و بالضبط سنة 1856، قسم خلية "هادلي" إلى قسمين معتمدا في ذلك على التيارات الهوائية عند العروض الوسطى و العروض الدنيا من جهة ( 30° إلى 60° - الرياح التجارية و الرياح الغربية) و على الحركة المحورية للأرض من جهة ثانية. حيث أثبت أن الأخيرة لها تأثير مباشر لا على الحركات الهوائية فحسب،وإنما أيضا على حركات التيارات البحرية.
بالنسبة ل ِفريل، فإن الرياح الغربية هي نتيجة الحركة المحورية للأرض، ذلك أن حركات الهواء تتبع بصفة عامة حركة الأرض حسب "قانون الميوعة".
[ نظرية ِفريل هاته كانت منطلقا للنظريات الحديثة التي تلتها كنظرية روسبي (Rossby ) سنة 1930 و نظرية بالمين (Palmen ) سنة 1951 ].


1-4- نظرية روسبي ( Rossby ):
بناءا على نظرية ِفريل، قدم روسبي سنة 1930 ( و هو عالم أمريكي ذو أصل سويدي) نظرية تعتمد على ست خلايا: ثلاث في كل نصف من الكرة الأرضية، و تفسر بطريقة أفضل الظواهر التي يتم ملاحظتها على مستوى الحركات الجوية العامة.
بعض هذه الخلايا احتفظت بأسماء أصحابها الذين تعرفوا عليها مثل هادلي و فريل، هذه الخلايا هي:
1- خلية هادلي: عند خطي عرض0° إلي 30°
2- خلية فريل. عند خطي عرض 30° إلى 60°
3- الخلية القطبية: عند خطي عرض 60° إلى 90°


انحراف الرياح نحو اليمين في النصف الشمالي و اليسار في النصف الجنوبي ناتج عن قوة كوريوليس أو قانون Ballot Buys

(يقول بويز بالوت العالم الهولندي(1817-1890): "إذا كنت في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، و وليت ظهرك للرياح، فإنك تترك الضغط المرتفع على يمينك و الضغط المنخفض على يسارك، و العكس بالعكس في النصف الجنوبي")

من خلال هذا النموذج نلاحظ أن:
ا- في العروض الاستوائية: نجد منطقة الجبهة المدارية ( Zone de convergence tropicale ) (Z.C.I.T)، تمتاز بحركات هوائية تصاعدية نتيجة عملية الحمل الحراري (Convection) و التقاء الرياح التجارية الشمالية مع الجنوبية.
زاوية سقوط الأشعة في هذه العروض كبيرة (انظر محاضرات الأسدس الأول) ،مما يجعلها تكتسب قسطا كبيرا من الطاقة الشمسية، جزء من الأخيرة يعمل على تسخين سطح الأرض و الهواء ، يعرف بالحرارة المحسوسة (La chaleur sensible) و الجزء المتبقى يتحول إلى حرارة كامنة في بخار الماء (La chaleur latente) .
الرطوبة النسبية جد مرتفعة، و بمجرد ما يرتفع هذا الهواء المشبع بالرطوبة على شكل حركات هوائية تصاعدية تعرف بعملية الحمل الحراري (Convection) ، فإنه يبرد ثم يتكاثف فيعطينا سحب و تساقطات مهمة.
عملية التساقط تؤدي إلى تحرير الحرارة الكامنة ،داخل جزيئات بخار الماء، و تحويلها إلى حرارة محسوسة تعمل على تسخين الهواء ، فيزداد ارتفاعا.
عندما يصل هذا الهواء الساخن إلى مستوى التروبوبوز، تتفرع نحو القطب الشمالي و الجنوبي،إلا أنه يبرد - قبل أن يصل إلى القطبين – عند مستوى العروض الشبمدارية ( 30° تقريبا) فيبدأ بالهبوط إلى السطح، ومع عملية الهبوط هاته يزداد حرارة و جفافا، فتتشكل على مستوى هذه العروض سلسلة من الضغوط المرتفعة حيث تكون السماء صافية و يسود نوع من الاستقرار الجوي، عكس المناطق الاستوائية.
منطقة الجبهة المدارية ، حيث تتقابل خليتا هادلي (الأولى في النصف الشمالي من الكرة الأرض والثانية في النصف الجنوبي منها) تتجسد في صور الأقمار الاصطناعية على شكل شريط سحبي سميك يحيط بكوكب الأرض،نتيجة وجود سلسلة من الضغوط المنخفضة .


ب- في العروض الشبمدارية، نجد مناطق النزول (Zones de subsidence ) تفصل بين منطقتين تصاعديتين: شبه قطبية شمالا و استوائية جنوبا، و هي توافق مجالات الضغط المرتفع حيث السماء صافية و التساقطات قليلة أو منعدمة.
عند خط عرض 30° تقريبا، نلاحظ حركات هوائية تنازلية جافة ( نظرا لكون الرطوبة تنخفض مع النزول في الوقت الذي ترتفع فيه الحرارة).عند السطح، يتجه جزء من هذا الهواء الهابط نحو العروض العليا مشكلا الرياح الغربية و الجزء الآخر يعود إلى العروض الاستوائية مشكلا الرياح التجارية (Les Alizées)، و بهذا تكون خلية هادلي قد أكملت دورتها.
نسبة التبخر في العروض الشبمدارية جد مرتفعة، خصوصا فوق المسطحات المائية كالبحار و المحيطات، في هذه الحالة يزود المحيط الجو بالحرارة الكامنة داخل جزيئات الماء المتبخرة ِ( Chaleur latente)،و التي تحمل إلى الشمال بواسطة الرياح الغربية.
ج- في المناطق ذات العروض المعتدلة، 40°-45° : حركات الهواء على مستوى السطح غربية، الرياح الغربية الدافئة هاته والآتية من المناطق المدارية تلتقي مع الرياح الباردة القادمة من المناطق القطبية عند مستوى خط العرض 60° تقريبا ، هنا تكون التغيرات الحرارية و الإنضغاطية كبيرة نتيجة تدافع الرياح القطبية الباردة نحو الجنوب و الرياح المدارية الدافئة نحو الشمال، فينتج عن ذلك جبهة تعرف ب"الجبهة شبه القطبية"،حيث يتشكل على طول الجبهة حزام من الضغوط المنخفضة، تظهر فوق صور الأقمار الاصطناعية على شكل غطاء سحبي كثيف.


تنتقل هذه الجبهة نحو الجنوب أو الشمال تبعا للفصول، فهي منطقة اضطراب بامتياز، و تكون مسؤولة عن التساقطات التي تعرفها جل الدول الأوربية و كذلك المغرب في فصل الشتاء.
للتذكير، فالجبهة هي منطقة التقاء تيارات هوائية ذات خاصيات متناقضة من حيث الحرارة والرطوبة، ترسم فوق الخرائط الجوية على شكل خطوط متموجة تحمل مثلثات(باللون الأزرق) ترمز إلى الكثل الهوائية الباردة و نصف دوائر(باللون الأحمر) ترمز إلى الكثل الهوائية الدافئة.


د- في المناطق القطبية، يوجد ضغط مرتفع ذو أصل حركي- حراري،حيث تتضافر الحركات الهوائية الهابطة مع البرودة الشديدة، لتعطينا على مستوى السطح ضغطا مرتفعا تتولد عنه رياح شمالية شرقية باردة وجافة تتجه نحو العروض شبه القطبية (≈ 60°)، و التي يمكن أن تتجاوز سرعتها 200 كلم في الساعة عندما تنزلق فوق المناطق المنبسطة و المتجمدة للقطب الجنوبي مثلا.
تتحرك هاته الخلايا الست ،التي قمنا بدراستها و تحليلها ( ثلاث في كل نصف من الكرة الأرضية)، نحو الشمال أو الجنوب تبعا للحركة الظاهرية للشمس، أي حسب الفصول، فتؤثر كثيرا على التقلبات المناخية و تعد المسؤولة عن تعاقب الفترات الجافة أو الرطبة على منطقة معينة.
الدورة الهوائية الطولية التي تطرقنا إليها تتم على مستوى سطح الأرض بطبيعة الحال، فماذا يحدث في الأجواء العليا؟
في الأجواء العليا و بالضبط عند مستوى التروبوبوز، توجد منطقة التقاء الرياح فوق خط عرض 30° تقريبا، هنا الاختلافات و التباينات الحرارية جد مفاجئة و سرعة الرياح جد قوية. هاته الوضعية ينتج عنها تيار هوائي ملتٍو يتجه من الغرب إلى الشرق، يعرف بالتيار النفاث شبه المداري (Le jet Stream subtropical) ، سرعة هذا التيار قد تصل إلى 400 كلم في الساعة، أي أقوى من التيار القطبي الذي يظهر فوق خط عرض 60° تقريبا ، و الذي تصل سرعته إلى 200 كلم في الساعة.


نظرية روسبي تفسر الدورة الهوائية العامة على اعتبار أن الأرض سطح متجانس ، و الاختلاف مع الدورة الهوائية الفعلية يكمن في التوزيع غير المتجانس بين اليابس و المسطحات المائية، أي بين القارات من جهة و البحار و المحيطات من جهة أخرى، إضافة إلى عامل التضاريس الذي يؤثر على قوة الرياح و اتجاها.
في سنة 1951، اقترح العالم الأمريكي بالمين (Palmen) نموذجا أكثر واقعية، بعد إدخال بعض التعديلات على نموذج روسبي، لكنه لا يختلف معه من حيث المبدأ مرتكزا على خليتي "هادلي" و " ِفريل".
فتحليل الوضعية الوسطى لمراكز الضغط الفعال( الضغوط المرتفعة و الضغوط المنخفضة) على مستوى الفصول و كذا للرياح السائدة، على الخرائط الجوية، يظهر توزيعا نطاقيا شبه متواٍٍز مع خط الاستواء.و الاختلافات ، الكبيرة أحيانا، للدورة الهوائية تنتج أساسا عن وجود التضاريس الكبرى كالجبال، وعن التوزيع غير المنتظم لقارات والبحار.
تتحرك مراكز الضغط الفعالة هاته و الرياح السائدة الناتجة عنها، نحو الشمال في فصل الصيف و نحو الجنوب في فصل الشتاء تبعا للحركة الظاهرية للشمس ( أنظر محاضرات الأسدس الأول).


2- الدورة الهوائية النطاقية:
بموازاة مع الدورة الهوائية الطولية، هناك دورة هوائية نطاقية تتم على المستوى الأفقي.
ففي العشرينيات من القرن الماضي، و بالضبط سنة 1920، أثبت عالم الأرصاد البريطاني ولكر (Walker 1868- 1958) أن هناك علاقة مباشرة بين الضغوط الجوية المقاسة شرق المحيط الهادي، و بين الضغوط المقاسة في الغرب (من مميزات هذا العالم، أنه كان يأخذ بعين الاعتبار في دراساته المعطيات المناخية العالمية).
الاختلاف على مستوى الضغط هذا، كان من أهم بوادر إثبات وجود دورة هوائية نطاقية بالمناطق الاستوائية، تعرف ب "خلية ولكر" .
2-1- خلية ولكر:
هي عبارة عن خلية جوية فوق المحيط الهادي ، تتميز بتيارات هوائية صاعدة مسؤولة عن تكون السحب التصاعدية الإندونيسية و تيارات هوائية نازلة مسؤولة عن ضعف التساقطات أو انعدامها في وسط المحيط الهادي و شرقه ( بيرو و الشيلي ) .


كيف تشتغل خلية ولكر ؟
مثل الخلايا الطولية التي رأيناها آنفا، تفسر الخلايا النطاقية بالتوزيع غير العادل للطاقة الحرارية، ذلك أن هناك تباينات حرارية بين شرق المحيط الهادي وغربه،حيث تتحرك الرياح التجارية من الشرق نحو الغرب عند السطح، و عند الأجواء العليا يحدث العكس حيث تتحرك الرياح من الغرب نحو الشرق.
إضافة إلى هاته الحركية الأفقية، تتميز خلية"ولكر" بتصاعد التيارات الهوائية غرب المحيطات (مصدر الحرارة) ، و تيارات هوائية نازلة شرق المحيطات مصدر البرودة ( وجود تيارات بحرية باردة).


و تكريما للعالم ولكر، أصبحت خلية المحيط الهادي تأخذ اسمه، بل إن بعض المصادر أصبحت تطلق نفس الاسم حتى على الخلايا النطاقية الثلاث الأخرى: الهندية و الإفريقية و الأطلسية.
لكن أكبر هاته الخلايا و أقواها تبقى خلية المحيط الهادي و سنأخذها نموذجا.


الرياح التجارية هنا تحمل كميات كبيرة من الحرارة الكامنة (Chaleur latente) من الهوامش الاستوائية للضغوط الشبمدارية، انطلاقا من المناطق الشرقية للمحيط الهادي، في اتجاه المناطق الغربية.
تعتبر هذه الوضعية "حالة عادية" تتميز بالقحولة في المناطق الشرقية، وهذا ما يفسر وجود بعض الصحاري كصحراء كاليفورنيا و أطاكما(Atacama ) شمال الشيلي (يعتمد سكانها أكثر على الصيد البحري و ليس على الزراعة).
في الواجهات الغربية للمحيط الهادي، نجد مناطق جد مطيرة مثل اندونيسيا و الفلبين.
في مقابل هاته الحالة العادية، يحدث أن تعرف هذه الخلية دورة عكسية تماما قي بعض الفترات ، خاصة عند حدوث ظاهرة "النينيو" (EL NIŇO) .
هذا يعني أن تقلبات خلية ولكر مرتبطة ارتباطا مباشرا بحرارة المياه السطحية للمحيط الهادي.


2-2- الخلية الأطلسية:
تتم في نفس اتجاه خلية المحيط الهادي، حيث تساهم كل من غابة الأمازون و جبال الأنديز (Andes)، و هي سلسلة جبلية بأمريكا الجنوبية يصل طولها إلى 8000 كلم ، في ارتفاع حدة التصاعد أو ما يعرف بعملية "الحمل الحراري" (Ascendances convectives) .
2-3- الخلية الهندية والخلية الإفريقية:
تشتغلا في اتجاه معاكس للخلايا السابقة، و هما أقل أهمية و ديمومة من سابقاتها ، كونهما توجدان فوق اليابسة ( الأولى فوق القارة الهندية و الثانية فوق القارة الإفريقية) و يطلق على هذا النوع من الخلايا ب"الخلايا غير المباشرة" (Les cellules indirectes ) .


هاته الدورة(خلية ولكر) لم يتم قبولها إلا في السبعينيات من القرن الماضي ، و تم التأكيد عليها وإثباتها في الثمانينيات من خلال عدة دراسات خصوصا حول ظاهرة النينيو، حيث سخر لذلك أحدث الوسائل التكنولوجيا كالنماذج الرقمية بواسطة الحاسوب و صور الأقمار الاصطناعية التي ترصد حرارة المياه السطحية، خصوصا فوق المحيط الهادي.